الثلاثاء، 10 يوليو 2012

المجاهد محمد أمين الحسيني ( رحمه الله )

المجاهد محمد أمين الحسيني

محمد أمين الحسيني






نشأته وتعليمه

 
وُلِد محمد أمين الحسيني في القدس عام 1895 م وقيل في 1897. لعائلة ميسورة كان من أفرادها ثلاثة عشر شخصاً تولوا مناصب إدارية وسياسية في القدس.
تلقى علوم القرآن واللغة العربية والعلوم الدينية في فترة مبكرة من عمره، أدخله والده "مدرسة الفرير" لمدة عامين لتعلم الفرنسية، ثم أُرسل إلى جامعة الأزهر بالقاهرة ليستكمل دراسته،



 كما التحق بكلية الآداب في الجامعة المصرية، وكذلك في مدرسة محمد رشيد رضا "دار الدعوة والإرشاد"، نشبت الحرب العالمية الأولى عام 1914،
فلم يستطع العودة لاستكمال دراسته، فذهب إلى إستانبول ليلتحق بالكلية
العسكرية، وتخرج برتبة ضابط صف في الجيش العثماني، وقد ترك الخدمة لاعتلال
صحته بعد ثلاثة أشهر فقط من تخرجه، وعاد إلى القدس، فما لبثت القوات
العربية والبريطانية أن سيطرت على القدس سنة 1917 فالتحق بقوات الثورة العربية وجند لها المتطوعين، وكان قد أدى فريضة الحج مع والدته في عام 1913 م، فاكتسب لقب الحاج من حينها.

الوظائف والمناصب


أسس ورأس "النادي العربي" 1915 م، وهو أول منظمة سياسية عرفتها فلسطين، وانطلقت منها الحركة الوطنية الفلسطينية، ثم عمل معلما بمدرسة روضة المعارف الوطنية.انتخب مفتيا للقدس عام 1921م خلفاً لشقيقه كامل الحسيني.رأس أول مجلس للشؤون الإسلامية والأوقاف والمحاكم الشرعية وهو المجلس الإسلامي الأعلى لفلسطين عام 1922م.أشرف على إعادة تنظيم المحاكم الشرعية في سائر قطاعات فلسطين (18 محكمة شرعية).استعاد الإشراف على الأوقاف الإسلامية بعد أن كانت في يد النائب العام (وهو اليهودي الإنجليزي بنتويش).تأسيس وتقوية المدارس الإسلامية في كل أنحاء فلسطين.تأسيس الكلية الإسلامية (من 1924 م إلى 1937 م).تأسيس والإشراف على "دار الأيتام الإسلامية الصناعية" في القدس.رئاسة لجنة إعادة إعمار وترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو المشروع الذي تم في عام 1929م.رئاسة المؤتمر الإسلامي العام - وهو الذي بدأ منذ عام 1931م في القدس من أجل القضية الفلسطينية، وتكرر عقده برئاسته في مكة وبغداد وكراتشي وغيرها.تكوين جمعيات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للإصلاح بين المتخاصمين ومقاومة الدعوة الصهيونية للعرب ببيع أرضهم.تنسيق الجهود والإشراف على إعداد التنظيمات المسلحة في أرض فلسطين، والتي أثمرت "جيش الجهاد المقدس" في أطواره المختلفة.تأسيس ورئاسة اللجنة العربية العليا لفلسطين.المشاركة في ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق ضد الإنجليز عام 1941م.إنشاء مكاتب للحركة العربية والقضية الفلسطينية في برلين وروما، ثم في أماكن مختلفة من أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.رئاسة الهيئة العربية العليا لفلسطين والتي تشكلت بموجب قرار من جامعة الدول العربية عام 1946م.رئاسة وفد فلسطين في مؤتمر باندونغ عام 1955م، وقد حضر الوفد بصفة مراقب.تنسيق جهود الأعمال الفدائية بعد حرب 1948م.رئاسة "المؤتمر الوطني الفلسطيني" عام 1948، والذي أعلن حكومة عموم فلسطين ووضع دستورها، وبرنامج الحكومة.
جهاده للقضية الفلسطينية

شارك أمين الحسيني في العمل الوطني الفلسطيني منذ نهاية الحرب العالمية الأولى
في عام 1918م، وشارك في عقد المؤتمر العربي الفلسطيني" الأول عام 18 -
1919م، والمظاهرات الفلسطينية في عام 1920م، وقد اتهمته السلطات البريطانية
بأنه وراء هذه المظاهرات، وهاجم شباب القدس القافلة البريطانية المشرفة
على ترحيله للسجن، وهرب إلى سوريا،
وحكم عليه غيابيًّا بالسجن 15 سنة، وتحت ضغط الغضب الفلسطيني تم العفو
عنه، وبعد عودته بأشهر يُتَوفَّى شقيقه مفتي القدس، ويرشِّحه رجال فلسطين
لخلافه شقيقه وهو ابن خمسة وعشرين عامًا، ويفوز الشاب بالمنصب، ولكنه لا
يكتفي بهذا، فيطالب بتشكيل هيئة إسلامية تشرف على كافة الشئون الإسلامية في
فلسطين،


وينجح في حمل السلطة البريطانية على الموافقة، ويفوز في انتخابات رئاسة
هذه الهيئة، ويعمد من خلال هذه الهيئة إلى تنظيم الشعب الفلسطيني، فينظم
الجمعيات الكشفية، وفرق الجوالة، وإعدادها إعدادًا جهاديًّا، ويتصل بكافة
المخلصين والمناضلين في العالمين العربي والإسلامي من أمثال عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني.


وقد توجهت الدعاية المعارضة لأمين الحسيني لتظهره وكأنه الرجل المسالم
للإنجليز، وفي لقاء بينه وبين بعض قادة العمل الوطني على رأسهم عبد القادر الحسيني يدور الحديث عن موقفه من مقاومة الإنجليز، فيرد الرجل قائلاً: ما رأيكم أن تقاوموا أنتم الإنجليز وتتركوني لمقاومة اليهود؟
وأحسَّ القوم أن الرجل له علم ونظرة أعمق من مجرد دفع عدو ظاهر، وأن
الأمر أخطر من مجرد السيطرة الإنجليزية، وأن هذه السيطرة ستار لمؤامرة
استيطانية شيطانية، وتتوحد الجهود، ويكون عبد القادر الحسيني
قائداً للأعمال العسكرية، والمفتي أمين الحسيني هو الواجهة السياسية،
والمنسق (من خلال منصبه واتصالاته) للجهود العسكرية، وتوفير التمويل اللازم
لكافة الجهود لنصرة القضية الفلسطينية، وتتحرك الثورة عام 1929م، ثم في
عام 1933م، ثم تكون الثورة الكبرى عام 36 - 1939م، ويتولى أمين الحسيني
مسئولية اللجنة العربية العليا لفلسطين"، وهي لجنة سرية لتنسيق الجهود على
مستوى الدول العربية لنصرة القضية الفلسطينية، وتتعقب بريطانيا المفتي في
كل مكان، ويلجأ الرجل للمسجد الأقصى يدير الثورة من داخله، ويصدر قرار
بإقالة المفتي من جميع مناصبه من السلطة الإنجليزية.
ويضطر الفتى إلى الخروج من فلسطين إلى لبنان، وقد وقع في قبضة السلطة
الفرنسية بها، وترفض فرنسا تسليمه للسلطة البريطانية، وتسمح له بالعمل في
الفترة من 37 إلى 1939م، ومع بشائر الحرب العالمية الثانية، تقرر السلطة
الفرنسية القبض عليه ونقله للسجن، فيهرب إلى العراق، وهناك يشجع الضباط
العراقيين على الثورة، وتقوم ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، ويناصر
المفتي الثورة، ويشترك معه مجموعات فلسطينية على رأسها عبد القادر الحسيني
الذي يشترك في مقاومة التقدم الإنجليزي في العراق، ومع بشائر الفشل للثورة
ينتقل إلى طهران، ثم انتقل سرًّا بين عدة عواصم أوروبية حتى انتهى به
الأمر إلى برلين، وقد التقى في هذه المرحلة مع قادة دول المحور سواء في
إيطاليا أو ألمانيا، ولم يكن الأمر مفاجئاً، فقد أجرى المفتي اتصالات سابقة
مع القيادة الألمانية في بداية الحرب، وهذا أمر طبيعي، فالدول العربية
كلها تقريبًا ليس بينها وبين ألمانيا عداوة، ثانيًا ألمانيا صارت العدو
القوي المواجه لكل من إنجلترا وفرنسا "وهما الدولتان اللتان يحتلان أغلب
الدول العربية".


مطاردة من جديد

استطاع المفتي الهروب من ألمانيا في اللحظات الخيرة قبل سقوط برلين، وتم القبض عليه في فرنسا،


وقضى يومين في زنزانة مظلمة، ولكنه تقدم للضابط المسئول وعرَّفه بنفسه
ومكانته، وطالب أن يعامل بالشكل اللائق، وبالفعل انتقل لمنزل جنوب باريس، وعندما أعلن عن وجوده في فرنسا، بدأت المطاردة له من السلطات البريطانية والأمريكية، والصهيونية داخل فرنسا، ورفضت فرنسا أن تسلِّمه بسبب خلافها مع المصالح البريطانية والأمريكية، وحرصًا على عدم استثارة المشاعر الإسلامية، وتدخل ملك المغرب ورئيس تونس أثناء وجودهما في باريس، وطالَبَا باصطحاب المفتي معهما، وتدخلت الجامعة العربية، ورئيس باكستان محمد علي جناح، من أجل سلامة المفتي، ورفضت فرنسا، وبدأت المقايضة الأمريكية مع مشروعات إعادة إعمار فرنسا بتمويل أمريكي، وقبل أن تقرر فرنسا تسليمه لأمريكا استطاع أن يهرب المفتي من فرنسا عن طريق استخدام جواز سفر لأحد أنصاره في أوروبا، وهو الدكتور معروف الدواليبي بعد استبدال الصورة. ونجح المفتي في الوصول إلى القاهرة عام 1947م، ويظل متخفيًا بها عدة أسابيع حتى استطاع أن يحصل على ضيافة رسمية من القصر الملكي تحميه من المطاردة الدولية لشخصه.


ويبدأ الحاج أمين الحسيني في تنظيم صفوف المجاهدين من القاهرة، وتدخل القضية الفلسطينية طورها الحرج، وتعلن الأمم المتحدة مشروع تقسيم فلسطين، وتعلن دولة إسرائيل، ويرأس المفتي الهيئة العربية العليا لفلسطين،
وتبدأ الحرب، وتبدأ المؤامرات والخيانات، وتقوم بعض الدول العربية بمنع
المجاهدين من الاستمرار في مقاومة العصابات الصهيونية، وذلك بحجة أن جيوشهم
سوف تقوم بهذه المهمة، ثم يبدأ مسلسل الخيانات لاستكمال المؤامرة، وتنتهي
الحرب بهزيمة الجيوش الدول العربية، ويتم حمل المفتي من خلال موقعه كرئيس
للهيئة العربية العليا على أن يصدر أمرًا للمجاهدين الفلسطينيين بوضع
السلاح، وما إن يتخلص المفتي من بعض القيود حتى يسرع لعقد المؤتمر
الفلسطيني في القدس ليعلن استقلال فلسطين وقيام حكومتها، ولكن مصر تعتقل المفتي وحكومة عموم فلسطين وتحدد إقامتهم في القاهرة، ومع قيام الثورة، يبدأ المفتي في تنظيم الأعمال الفدائية على كافة الجبهات، وتستمر العمليات حتى عام 1957م.
وفي نفس الوقت ينشط في الجانب السياسي على مستوى الدول العربية
والإسلامية، وبعض من الدول الآسيوية؛ وذلك لتأييد الحق الفلسطيني في وطنه،
ودعم الجهاد المسلح في مواجهة العدو الإسرائيلي، ويمثل فلسطين في تأسيس حركة عدم الانحياز عام 1955م في مؤتمر باندونج، ولكن تدريجيًّا يتم تقييد حركته السياسية ووقف العمل الفدائي من عام 1957م على معظم الجبهات، وتظهر بشائر مؤامرة جديدة، ومحاولة لإنهاء القضية في خطوات سلمية، وتظهر خطة التسوية مع أعوام 1959م، 1960م والمعروفة بخطة همر شولد، وهي الخطة التي وافقت عليها دولة المواجهة العربية مقابل ثلاثة مليارات من الدولارات، وينتقل الحاج أمين الحسيني إلى بيروت عام 1961م، وينقل إليها مقر الهيئة العربية العليا، ويفضح الرجل خطوط المؤامرة، وتفشل الخطة.


وتبدأ خطة عربية بإنشاء كيان بديل للهيئة العربية العليا، وتبدأ بإصدار قرار من جامعة الدول العربية بإنشاء كيان فلسطيني عام 1963م، وينشأ الكيان تحت رعاية مصر باسم منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م، ويعين رئيساً له أحمد الشقيري الذي يخضع للتوجهات العربية، وبعد نكسة عام 1967م،
يبدأ الرجل من جديد نشاطه من أجل القضية، موضحاً موقفه الثابت أن القضية
لن يتم حلها إلا بالجهاد المسلح، ويستمر الرجل في نضاله حتى تُفضي روحه إلى
بارئها عام 1974م


شاهدة على عصر الخيانات الكثيرة والتضحيات الكبيرة، ولم يجرؤ أحد من
القادة الفلسطينيين أن يدعو إلى حل سياسي إلا بعد اختفاء روح المقاتل محمد
أمين الحسيني من ساحة القضية الفلسطينية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
هاك ترقيم صفحات بلوجر